مفهوم عسر أو صعوبة القراءة
سبق أن أشرنا إلى أهمية القراءة في حياة الإنسان التي يتعلم من خلالها المعارف بمختلف أصنافها وفروعها ، وأن أي قصور فيها وإنما يؤثرفي جميع المجالات الأكاديمية الأخرى واستخدمت لفظة ديسلكسيا اليونانية الأصل والتي تعني صعوبة تحليل الكلمة المكتوبة أو( صعوبة القراءة ) وقد كان المدخل الطبي أول من استخدمها معتقدا أنها نتيجة لقصور عصبي وظيفي،ولم يتفق الباحثون في هذا المجال على تعريف محدد لمفهوم الديسلكسيا فكان ينظر إليها في السابق على إنها صعوبات قرائية ، كما أشار إلى ذلك فريوسون في الستينات على إنها عجز جزئي في القدرة على القراءة ، أوعدم فهم ما يقوم بقراءته قراءة جهرية أو صامتة .وهناك من يعد الديسلكسيا بأنها صعوبة تعليمية ذات جذور بنيوية ، وآخرين يعتقدونها خلل عصبي ، وقسم آخر يضيف على الخلل العصبي أساليب التربية غير السليمة .
ويمكن القول إن صعوبة القراءة تتمثل في تباين ملحوظ في قدرة الطفل على القراءة وعمره الزمني تختلف في درجتها باختلاف السبب الذي أدى إلى ذلك سواء تعلق بالجانب البنيوي، أو الخلل العصبي المتمثل بصعوبات إدركيه سمعية أو بصرية . وربما يقترن بالصعوبة القرائية ضعفا في الاستيعاب القرائي ، .لذلك قد يكون العسر القرائي في بعد واحد ،أوقد يكون في إبعاد متعددة في وقت واحد ، لذلك فان العلاج لا يكون بدرجة واحدة من الصعوبة لذلك أشار عبدالرحيم إلى درجات صعوبات القراءة أو العسر القرائي .
v النوع الأول :وتكون الصعوبة متمثلة بالعيوب الصوتية (Dysphonic ) الذي يظهر فيها عيب أولى في التكامل بين أصوات الحروف ،وهؤلاء يعانون من صعوبة في قراءة الكلمات وتهجئتها.
v النوع الثاني : ويتمثل في معاناة الأطفال من عيوب أولية في القدرة على إدراك الكلمات ككليات Dyseidetic وهؤلاء الأطفال يعانون صعوبات في نطق الكلمات المألوفة وغير المألوفة كما لو كانوا يواجهونها لأول مرة ، ويجدون أيضاً صعوبة في هجائها عند الكتابة.
v النوع الثالث : وهو مزيج من النوعين السابقين المتمثلين بصعوبة الصوت ( النوع الأول ) وصعوبة الإدراك الكلي للكلمات ( النوع الثاني ) ويجد هؤلاء الأطفال صعوبة في القراءة ، ولا يستطيعون أن يصلوا إلى أقرانهم الآخرين في القدرة على القراءة إضافة إلى أنهم يعانون من صعوبة الفهم للمادة المقروءة .
أما نسب الصعوبات القرائية فهي الأخرى مختلفة ولا يوجد اتفاق على نسبة بذاتها ، وهي مسألة طبيعية لاختلاف دول العالم فلا يمكن من حيث المنطق أن تكون نسب الصعوبات القرائية واحدة في الدول المتقدمة والدول المتأخرة ، ولكن ما يمكنني التأكيد عليه في هذا الجانب أن نسب صعوبات التعلم تفوق أي فئة من فئات ذوي الاحتياجات الخاصة .
وفي هذا الصدد لابد أن أشير إلى ما ذكره الوقفي (1) (1999) بالنسبة لنسب صعوبات القراءة والتي اعتمد على ستر وسميث ( Satter and Smithe, 1997 ) لعدد من دول العالم 0 فقد وصلت النسبة في الأرجنتين إلى 25% ، وفي الدانمارك 15% وفي فنلندا 22% وفي ألمانيا 40% ، وبريطانيا والنرويج 15% وإيطاليا وبلجيكا 48% .
ولا بد من الإشارة في هذا الجانب إلى أن هذه النسب وغيرها المتعلقة بدول العالم المتمدن أو المتأخر لاتكون واحدة في جميع مدنها وإنما هي تختلف بشكل عام إذا قارنا بين دولة وأخرى ، كما أنها مختلفة داخل الدولة الواحدة لأن مدن أي دولة لا تكون بدرجة واحدة من التحضر والتمدن إذ هناك ثقافة عامة ، وثقافة فرعية ، فالمدن الأكثر فقرأ أكثر تعرضاً لصعوبات قرائية من غيرها .
واسترسالاً لما سبق ذكره فقد أشار الوقفي كذلك إلى نتائج الأبحاث التي قام بها المعهد الوطني للعناية بالطفل والتطوير الإنساني والتي اجراها لايفساي (Livesay ) حول الديسلكسيا في الولايات المتحدة الأمريكية وتوصل إلى الاتي :
-1 تصيب صعوبة القراءة المحددة على الأقل واحداً من كل خمسة في الولايات المتحدة الأمريكية.
2- تمثل الديسلكسيا أو الصعوبات القرائية بمختلف أنماطها أكثر صعوبات التعلم شيوعاً وتصل إلى75-80 % من الذين يعانونها.
3- قد تصل نسبة الديسلكسيا إلى 85 % فيما بين (5.5 – 6.5 ) من العمر .
4 – يمكن تجنب الفشل القراءة و الكتابة والتهجئة الناشئة عن الديسلكسيا بالتعليم المباشر و الصريح للوعي الصوتي (الطريقة التركيبية) .
5- الديسلكسيا ليست تأخراً تطورياً وإن 74 % من الأطفال الذين يعانون من صعوبات قرائية في الصف الأول يعانون من ضعف القراءة في الصف التاسع وما بعد ذلك ، إذا لم يتم تدريبهم علي التمييز بين الأصوات اللغوية .
لذلك تعد صعوبات القراءة احد المصطلحات التي استخدمت لتدل علي صعوبات التعلم لأنها تشكل نسبة عالية من الصعوبات التعلمية .
مظاهر صعوبات القراءة
يظهر من خلال العنوان أن صعوبات القراءة ليست مظهرا واحداً وإنما عدة مظاهر وليست بالضرورة أن تكون مجتمعة مـــــــــعاً ومن هذه المظاهر :
1- صعوبة في الإدراك البصري
إن لحاسة البصر أثراً كبيراً في التعلم لأن كثيراً من التعلم يحدث عن طريق الحاسة البصرية وقد أشير إلى أن 83% من التعلم يحدث عن طريق هذه الحاسة ، إن حاسة البصر هي العضو المسئول الأول عن نقل الصور عن طريق الأعصاب الموردة إلى الجهاز العصبي المركزي حيث تتم عملية الإدراك المتمثلة بترجمة هذه الصور وتفسيرها .
لذلك فإن إحدى مظاهر صعوبات القراءة هو صعوبة إدراك الطفل للرموز المكتوبة وربطها ، فهو قد يجد صعوبة في تكوين الكلمات من خلال الحروف ، ولا يتعلق الأمر بالإدراك الكلي للكلمة أو جزيئات الكلمة ، وإنما ينعكس بشكل سلبي في تنسيق العين وحركة اليد ، وقد يعاني من صعوبة تمييز الشكل والخلفية أو تنظيم وإدراك العلاقات المكانية أو الإغلاق البصري .
2- قصور في الإدراك السمعي
إن الإدراك السمعي مهم للمتعلم لكي يحقق تعلماً سليماً إذ يستطيع من خلالها أن يستوعب ما يقال وما يثار من نقاش ، كما يكون قادراً على اتباع التعليمات والقدرة على التذكر اللفظي والقدرة على الفهم الكلي .إن الذين يعانون من صعوبات إدراكية سمعية سيتأثرون بالتأكيد على مستوى الفهم والاستيعاب لما يقال من قبل المرسل ، كما ستتأثر استجابتهم فقد تتأخر أو قد تحدث بطريقة لا تتناسب مع الموضوع المطروح ، أو قد يؤدي إلى خلط بين الكلمات وخاصة المتشابهة في الصوت مثل حسان ، حسام أو سنان وأسنان ، أو سهم وسهل . كما لا يستطيع أن يفهم الكلمة من خلال ذكر جزئها لأنه في الغالب يجد صعوبة في الإغلاق السمعي . كما يجد صعوبة في الذاكرة السمعية قصيرة المدى وبعيدة المدى كما يتعرض الطفل إلى صعوبة نقل المسموع إلى مكتوب أو منطوق .
ولا بد من الإشارة في هذا الباب إلى أن هذه المشكلة في غاية الخطورة وخاصة إذا لم يدرك المعلم في المراحل الأولى ذلك القصور عند الطفل . فقد يسأل المعلم هذا المتعلم الذي يعاني من قصور إدراكي سمعي وقد لا يعرف الإجابة الأمر الذي يؤدي به إلى العقوبة بشكل ما. وقد يتكرر الحال ولا يكون ذلك بسبب نقص في قدراته العقلية ، وإنما من القصور الإدراكي السمعي الذي لم يدركه المعلم أن هذا الطفل سيعاني الأمرين وسيكره المعلم والصف والمدرسة بشكل عام.
3- الكتابة :
هنالك ارتباط قوي بين القراءة والكتابة فأي قصور في جانب قد يؤثر في الجانب الآخر بشكل عام . لذلك نجد الأطفال الذين يعانون من العسر القرائي يعانون من صعوبات في الكتابة ، إذ تكون غير مرتبة وغير منظمة ، تفتقد إلى التسلسل على خط واحد أي الكتابة بشكل غير مستقيم إضافة إلى الكلمات غير الواضحة ، التي يشوبها عدم التناسق فضلاً عن الصعود والنزول عن خط الكتابة ، كما تفتقر الكتابة إلى قواعد اللغة وتبديل حرف بآخر ، وتفتقر إلى الترقيم والفواصل ، وقد يفصل حروف الكلمة بحيث يجعل كل حرف مستقل بذاته ، وقد يعرف الأخطاء لكنه لا يستطيع تصويبها كما يترك فراغات غير منتظمة بين الكلمات ، ولا يمتلك السيطرة على مسك القلم وذلك بمسكه الخاطئ ، كما لا يكتب الحرف بوزن واحد فأحياناً كبيراً وصغيراً أحياناً أخرى ، وقد لا يكتبه بشكل كامل وإنما يحتاج إلى غلق ، كما أنه يستغرق وقتاً طويلاً قياساً بأقرانه.
4- الذاكرة:
يظهر الأطفال الذين يعانون من صعوبات قرائية ضعفاً في الذاكرة البصرية والسمعية وخاصة تلك المتعلقة بتذكر الرموز اللغوية .
5- سوء التقدير المكاني والزماني :
إن الصعوبات القرائية ترتبط بسوء التقدير المكاني والزماني ، وهذا ما يجعل الطفل يواجه صعوبات في المسموع ، وفي ترجمة هذا المسموع كتابياً لينتج عن ذلك قصور قرائي وكتابي وقصور في تطبيق القواعد الإملائية أن هذا الحال قد يفرز شكلاً من أشكال التلعثم واللجلجة ، وتقطيع المقروء وعدم التريث السليم إذ قد يسرع بلا إتقان ، أو يتأخر دون إكمال المهمات المطلوبة منه .ويفتقر الطفل كذلك إلى القدرة على القياس والتمييز، لذلك فهو يقلب الحروف والأرقام، كأن يكتب الكلمة بشكل مختلف عن تسلسلها الحقيقي، أو يكتب الرقم 42 بدلاً من 24 .
6- عدم الاتزان الانفعالي
يظهر على الطفل الذي يعاني من صعوبات قرائية أو عسر قرائي عدم الاتزان الانفعالي فهو متقلب مزاجي، أو قد يكون حساساً أكثر من الحد الطبيعي وهذا قد يؤدي به إلى أن يكون سريع التشتت .
إن هذا الاضطراب الانفعالي قد يكون نتيجة إلى القصور القرائي إذ أن العلاقة بين القصور القرائي والاضطراب السلوكي تبادليه تفاعلية يؤثر كل منهما بالآخر .
7 – آلية القراءة والتهجئة:
ولها أعراض كثيرة كإبدال الحروف وخاصة المتشابه منها مثل د، ذ أو ر ، ز أو ت ، ث أو حذف حرف من كلمة ، أو كلمة من جملة أو زيادة حرف مع الكلمة أو تكرار كلمة خلال الجملة أو زيادتها ، عدم التسلسل في حروف الكلمة0 قد يجد صعوبة في قراءة وتهجئة الكلمات الطويلة ، التلكؤ في القراءة الخطأ والإصابة في ذات الحروف أو الكلمات ، وقد يصيبه العي ، وعدم الفهم ، وعدم مراعاة قواعد اللغة ( من رفع ونصب وجر ) .
قد يجد صعوبة في معرفة موقع الكلمة في الجملة ، ويعاني من صعوبة حوصلة النص والخروج بملخص مبسط، ولا يتسم بشكل عام بالانسيابية في القراءة والتهجئة .
يشير فرنون Vernon (1) إلى السلوكيات المرافقة لضعف القراءة وهي :
1- ضعف التمييز البصري أو التفريق بين الأحرف والكلمات يؤدي إلى أخطاء عكسية .
2- قصور القدرة على تحليل الكلمات إلى أجزاءها .
3- ضعف الذاكرة البصرية وبشكل خاص بالنسبة للكلمات .
4- ضعف التمييز السمعي .
5- صعوبة تشكيل الربط بين الصوت والرمز .
6- ضعف الربط بين الصوت والحرف والمتأتي من عجز في تكامل المدخلات البصرية.0
7- صعوبة في معرفة تسلسل الأحرف والكلمات .
8- عدم كفاية التفكير .
أسباب صعوبات القراءة
أن الصعوبات القرائية ليست نتاج سبب بذاته وإنما هناك أسباب عديدة تؤدي إليها منها ما هو وراثي وأخرى بيئية ، وقد يشترك كل من البيئة والوراثة في ذلك ، أي أن البيئة فد تجسد ظهور السبب الوراثي ، فلعل البيئة الفقيرة المعدمة تساعد على إطفاء أي جذوة ممكن أن تشتعل، وبالمقابل يمكن للبيئات الغنية الصحية من أن تقلل أثر السبب الوراثي وعلى أية حال سنتعرض إلى أسباب الصعوبات القرائية على الوجه الآتي :
1. العوامل الفسيولوجية
· الجانب الوراثي
هناك من يعد صعوبات القراءة أو الديسلكسيا حالة يرثها الطفل عن الأسرة ، وترجع إلى جينات في الكروموسوم 6و15 حيث أشارت بعض الدراسات كما يذكر ذلك الوقفي .
فالدراسة التي أجريت في كولورادو الأمريكية والتي شملت تواءم من (400) أسرة توصلت إلى وجود سبب جيني لصعوبات القراءة المحددة وقد ذكر سميث ( Smith ) أن الشواهد المتوفرة من تلك الدراسة تدل على أن الارتباط بين الترميز الصوتي وتعرف الكلمة يرجع إلى حد كبير للتأثيرات الوراثية ، وان 20 % من الأسر يوجد فيها بشكل واضح جين سائد لنقل صعوبات القراءة يتصل بالكروموسوم ( 15 ) وليس بالكروموسوم ( 6 ) ، وشواهد أخرى تشير إلى صعوبة القراءة ترجع إلى الكر وموسوم ( 6 ) وليس ( 15 ) .
· الخلل الدماغي :
هناك إشارات حول بنية الدماغ أو اختلاف وظيفي بين الشق الأيسر والشق الأيمن ، وخاصة في تزايد الاهتمام بالصعوبات القرائية ، فقد أصبحت هناك مقارنات بين التركيبة المخية للأطفال الذين يعانون من صعوبات قرائية وآخرين ليست لديهم صعوبات قرائية من خلال الفحص المتعلق بالشحنات الكهربائية للدماغ وقد توصلت الدراسات في هذا الجانب إلى أن هناك اختلافاً في الرسم الدماغي للأنشطة الكهربائية بين الأطفال الذين يعانون من عسر قرائي والآخرين الذين ليس لديهم عسر قرائي . كما أجريت دراسات حول شقي الدماغ الذي قد يؤدى إلى اللاتآزر العضلي العصبي والذي هو نتيجة لعدم اتساق شقي المخ الأيسر والأيمن إذ قد يكون أحدهما أكثر سيطرة من الثاني ، فنحن نعرف أن النصف الأيمن يتحكم في الجانب الأيسر من الجسد الذي يقوم بالوظائف ، بينما يتحكم النصف الأيسر في الجانب الأيمن من الجسد الذي يقوم بالحركات الدقيقة .
وقد ترتبط صعوبات القراءة والكتابة بسيطرة أحد شقي الدماغ على الآخر فهناك من يرى أن الفص الصدغي في نصف الدماغ الأيسر والذي يتعامل بشكل أساسي مع السمع إذ تتصل القنوات العصبية في كل إذن بكل من الشق الأيمن والأيسر في الدماغ ، أن هذا الفص وجد بشكل أكبر عند الأطفال الذين يعانون من صعوبات قرائية قياساً بأقرانهم الآخرين .
ولكن هل تكون هذه الأجزاء مستقلة بشكل كامل عن بعضها وليس لها تأثير كل منهم في الأخرى في تقديري الشخصي لايمكن لمتخصص أن يذكر ذلك ولكن قد يكون هناك ارتباط ولكن ليس بدرجة وإنما بدرجات متفاوتة .
ولابد من الإشارة إلى أن دراسات كثيرة ذكرت أن نسبة الصعوبات القرائية عند الذكور أكثر منها عند البنات ، وقد يرتبط ذلك بشكل أساسي بسيطرة أحد شقي المخ إذ يكون عند الذكور هو الشق الأيمن ،بينما يكون عند الإناث الشق الأيسر وهو المسئول ن اللغة . ونحن نعرف تماماً أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين اللغة والقراءة ، لأن القصور في الأول سيفرز بظلاله السلبي على الثانية . ولا ننسى أن نذكر أن التطور في الشق الأيمن له انعكاساته بالنسبة للذكور وخاصة فيما يتعلق بالقدرات الرياضية والميكانيكية فمثلا يعد موضوع الرياضيات هو موضوع الولد وليس البنت ، ولو عملنا مسحاً في أقسام الرياضيات في العالم لوجدنا نسبة قليلة جداً من البنات تنتسب إلى هذا القسم .
إضافة إلى ذلك لابد من الإشارة هنا إلى أهمية التنشئة الأولى للبنات والذكور إذ غالباً ما تكون البنت قريبة من الأم ، وتتكلم معها كثيراً مما يؤثر في نموها اللغوي ، بينما يكون الولد بعيداً عنها ليلعب في أشياء مهمة كالرمل والحجر والماء والمواد الأخرى ( المتعلقة بالدراجات والسيارات ) وغيرها ، وهذا ما يفرز بظلاله الايجابي في التطور الذهني ، الأمر الذي يجعل الولد أكثر قدرة في الرياضيات والميكانيكية والقدرات الفراغية في حين أن البنت أفضل منه لغة إلى حد عمر ( 15 ) سنة .
· القصور الحسي :
أن القصور البصري والسمعي له أثره الكبير في عملية القراءة لأنها عملية حسية من خلالها يتعرف الطفل على الرموز المكتــــــــــوبة ، ويميز ويربط ليتعرف على المقروء والشبه والاختلاف فيه . والقراءة تبدأ بعملية ميكانيكية فسيولوجية من خلال حاستي البصر والسمع ثم العملية العقلية التي من شأنها أن يدرك المتعلم المعنى وتفسيره .
أن القصور الحسي في أي سنة عمرية في مرحلة الطفولة سوف يكون صعباً تعويضه في سنوات لاحقة لأنها تشكل الأساس الذي يعتمد في البناء المستقبلي ، والاستعداد الذي يحدث قبل القراءة هو التفاعل بين ثلاثة متغيرات هي النمو العقلي والنمو الحسي والنمو الشخصي فالطفل الذي يعاني من قصور بصري أو اختلال في عضلات العين أو اعتماده على عين واحدة دون غيرها لها أثرها في عمليتي تعلم وتعليم القراءة ، كما أن القصور السمعي له أثره كذلك لأن السمع يساعد على إدراك الكلمة وتمييزها وربط الكلمة الملفوظة بالكلمة المكتوبة .
إن العلل المتعلقة بالقصور الحسي ليس درجة واحدة وكلما زاد القصور كلما أثر أكثر في تعلم القراءة فمثلا طول النظر أكثر تأثيراً في الفرد من قصر النظر لأن الأخير لا يتطلب نظارة طبية للقراءة ، بينما الأول لا يستطيع القراءة إلا بوجود نظارة . وقد تكون هذه المسألة غير مدركة قبل دخول الطفل المدرسة ، أو ربما تدرك بعد فترة من الزمن الأمر الذي يجعل الطفل يتخلف عن أقرأنه الآخرين
وقد تكون هناك أعراض تتعلق بالقدرة السمعية إذا لم تعالج بشكل مبكر سيفرز بظلاله السلبي على اكتسابه اللغة والكلام والذي يؤثر بدوره في استعداداته وقدراته القرائية ، وهناك من العلل التي يسهل علاجها بشكل مبكر كالتهاب الأذن الخارجية أو الوسطى قياساً بالعلل المتعلقة بالأذن الداخلية .
أن التهجئة القرائية تتطلب تنسيقاً بين حاستي البصر والسمع ، وأي خلل في ذلك ، أو في أحدى الحاستين لا يؤدي إلى ذلك التنسيق . وقد قيل في هذا الصدد أنه لا علاقة بين حاستي البصر والسمع والقصور القرائي على اعتبار أن فهم المقروء والمسموع هو من اختصاص الدماغ ، وليست حاسة البصر أو حاسة السمع لأنهما وسائل توصيل الصور والذبذبات الصوتية إلى الدماغ ، وهو المسئول الذي يشكل الفهم والمعنى . ولكن هل يقبل ذلك ؟ ويكون الجواب بالتأكيد النفي . نعم أن حاستي البصر والسمع ما هي إلا وسائل توصيل المرئي المسموع إلى الدماغ لكن عندما يصل ما هو مسموع ، وما هو مرئي إلى الدماغ بشكل غير واضح وشائك ، هل يقوم الدماغ بتنقية وتصفية وتهذيب ذلك المنقول ؟ والجواب سيكون كذلك بالنفي لأنه عندما يصل المرئي والمسموع بشكل شائك ستكون الصورة شائكة بالدماغ .
صحيح أن القراءة عملية عقلية انفعالية تشتمل على تفسير الرموز ، وفهم المعاني والاستنتاج والحكم والتذوق وغيرها من العمليات ولكن هذه العمليات العقلية بحاجة إلى وسائل سليمة ، وأي قصور في هذه الوسائل سيؤثر في هذه العمليات لذلك يعد القصور الحسي له ارتباط وثيق بصعوبات القراءة .
· قصور في العمليات النفسية المتمثلة في الانتباه والتذكر والتفكير
سبق أن اشرنا أن القراءة تتكون من عمليتين متصلتين الأولى فسيولوجية متمثلة بصحة العين والسمع بشكل أساسي والثاني عقلية انفعالية ، وربما لا يكون هناك قصور في الجانب الفسيولوجي ، أو في العملية الأولى ، ولكن قد يكون القصور في الثانية في العمليات النمائية الانتباه أو التذكر أو التفكير ، وأي قصور في هذه العمليات النمائية سيؤثر في التعلم بشكل عام والقراءة بشكل خاص .
فالانتباه وخاصة الانتقائي مهم جداً لتعلم الحروف والكلمات شكلاً ونطقاً وسبق أن تحدثنا بما فيه الكفاية عن أهمية الانتباه ، ولا يمكن أن يحدث استلاماً وفهماً حقيقاً بلا انتباه إذ هي العملية الأولى كمتطلب لفهم واستيعاب أي مادة تعليمية سواء كان الانتباه بصرياً أو سمعياً .
أما التذكر فهي العملية التي تساعد الطفل معرفة الرموز وأصواتها وتشكيل الكلمات والتمييز بينها ومعرفة الفروق ، فالتذكر البصري والتذكر السمعي ضروري جداً في تعلم القراءة وأي قصور فيها سيؤدي إلى حدوث صعوبات قرائية . ولا بد من الإشارة هنا إلى أن التذكر كقدرة عقلية لها ارتباط بالذكاء إذ أن معامل الارتباط بين التذكر والذكاء يصل إلى 47% .
أما التفكير فهي العملية الأخرى التي لها ارتباط بتعلم القراءة ، وسبق أن اشرنا في مكان آخر إلى العلاقة بين اللغة والتفكير ، وقد نوقشت هذه المسألة في كتب باللغة الإنجليزية كما تناقش مسألة البيضة و الدجاجة ، أيهما أسبق من الآخر ؟ فهل التفكير أولا ثم اللغة ؟ أو اللغة أولا ثم التفكير ؟ ولسنا بصدد الدخول في نقاش هذه المسألة ولكن فقط لنتعرف على مدى العلاقة بين اللغة والتفكير ، إذ أن العلاقة بينهما علاقة عضوية ، وكل منهما يعتمد على الآخر إلى حد كبير لأن الفرد لا يستطيع أن يفكر أكثر من قدرته اللغوية ، كما أنه في الوقت نفسه لا يستطيع أن يتفوه بما لا يستطيع التفكير فيه .وسبق أن أشرنا إلى العلاقة بين اللغة والقراءة ، ومسألة طبيعية أن يكون هناك علاقة وثيقة بين التفكير والقراءة ، وأي قصور في الأول سيفرز بظلاله على الثاني .
الظروف الأسرية
لقد أشرنا سابقاً بما فيه الكفاية عن دور الظروف الأسرية في تخلف الأطفال عن أقرائهم بشكل عام والقراءة بشكل خاص وخاصة تلك المتعلقة بالأساليب التربوية غير السليمة ، المستوى الاجتماعي والاقتصادي والثقافي ، حجم الأسرة ، الترتيب الميلادي ، الخلاف الأبوي المرض الأبوي ، الطلاق ، الفراق وغيرها من المتغيرات التي تفرز بظلالها على القدرة القرائية للأطفال . وعلى أقل تقدير يمكن القول أنه في حالة وجود خلل دماغي طفيف فان هذه المتغيرات ستسهم إسهاما كبيراً في تعميق ذلك الخلل . فالطفل الذي يعاني من حرمان الحب والحنان لا يمكن أن يكون كقرينه الذي يحصل على كفاية من الحب والحنان والاتصال الصحي المثمر الذي يسوده التعزيز الإيجابي الفاعل والذي يساعد على التحدث والنطق وتلبية الحاجات النفسية التي لا يمكن إلا أن يكون لها آثار في التعلم .
· الظروف المدرسية
وقد تتجسد أهميتها في موضوع القراءة لأن المدرسة لها الدور الكبير في تعلم الأطفال القراءة .وقد يجد بعض الأطفال صعوبة في تعلم القراءة ، ليس كقصور في قدراته العقلية وإنما لمتغيرات مدرسية أهمها المعلم والأساليب والطرق التي يتبعها مع المتعلمين . إذ أن المعلم هو القطب الفاعل الذي يجعل المتعلم محباً أو كارهاً للمدرسة من خلال الأساليب والطرق التي يستخدمها مع المتعلمين ، فكما للآباء أساليبهم في التربية ، فان للمعلمين أساليبهم في التربية ،وهناك من يتبع أساليب غير تربوية كالأسلوب القسري والاستبدادي ، أو الأسلوب المتذبذب ، أو المتهاون أو أسلوب التفرقة ، وغيرها من الأساليب غير الصحية التي تؤثر بشكل أو بآخر في دافعية المتعلمين للمشاركة والعطاء وعلى خلق حس من العدائية إلى الصف . ولا تريد أن ندخل في التفاصيل ، وقد يكون محتوى المقررات الدراسية لا يتناسب مع ميولهم وقدراتهم ، أو أن الأهداف وضعت بمعزل عن المتعلم ، أو وضعت انطلاقاً من المعلم وليس المتعلم ، وعلى المتعلم أن يتمحور حولها ، ويفترض أن تتمحور المناهج حول المتعلم . كما أن هناك متغيرات قد يكون لها أثر في تكيف الطفل في البيئة المدرسية منها سياسة المدرسة ، وحجم المدرسة وصفوفها ، صحية أو غير صحية أي هل تتوفر فيها الشروط الصحية من تهوية وتدفئة ، وتناسب بين عدد المتعلمين وحجم الصف ، هل هي حكومية أو غير حكومية ، مزدوجة أو غير مزدوجة . أن هذه المتغيرات المدرسية مهمة في جعل المتعلم متكيف أو غير متكيف الأمر الذي يؤثر في دافعيته .
ولابد من أن اختم هذه النقطة بالتشديد على نقطة جوهرية تحوم كل النقاط السابقة حولها هو جعل المتعلم في وضع نفسي جيد ، وخاصة طفل التربية الخاصة إذ أن هناك علاقة وثيقة بين المادة والمدرس ، فمن غير المنطق أن يقول متعلم أنا أحب القراءة وأكره معلمها أو العكس .
العوامل المؤثرة في الاستعداد القرائي
القراءة ليست عملية سهلة إذ هي مهارة لغوية دقيقة وعقلية معقدة ، وعملية صوتية تتأثر بجملة من العوامل العقلية والعصبية والنفسية والجسمية . ومن العوامل التي تؤثر في الاستعداد القرائي .
1- العوامل الجسمية : وقد تكون واحدة أو أكثر مما يأتي
أ- العلل البصرية : تحتاج القراءة إلى حاسة بصرية قادرة على القيام بمهامها لأن القراءة هي عملية حسية أولاً حيث سبق أن أشرنا إلى أن القراءة تكون أولا فسيولوجية تحدث عن طريق وسيلة العين ، وأي خلل فيها سيؤثر في تعلم الطفل للقراءة والكتابة ، وهي الأساس في عملية التعليم العام ففي بداية عمره يستخدم العين حيث يغلق عينيه عندما يتعرض للإضاءة ، ويبدأ النظر إلى الأشياء التي تكون في بيئته وتتسع وتتطور كلما نما الطفل إلى أن يتحدث مستعيناً بالذاكرة البصرية . لذلك أي قصور في حاسة البصر من قصر أو بعد أو أمراض أخرى في أي جزء من أجزاء العين سيؤثر في استعداده لتعلم القراءة فالخلل البصري قد يؤدي إلى ظهور علامات تحذيرية عدم قدرته على تأدية كل ما يتعلق بالبصر من أعمال الدماغ بشكل غير طبيعي ، احمرار العينين ، ازدواجية الرؤية ، الاستفسار من المعلم بشكل متكرر ، إظهار إشارات وعلامات تدل على عدم الارتياح ، فرك العينين بشكل متكرر ، رمش الجفون بشكل غير طبيعي وغيرها من الأعراض التي تشير إلى الخلل البصري .
ب- العلل السمعية :
وحاسة السمع هي الأخرى تؤثر في استعداد المتعلم لتعلم القراءة وهي مهمة جدا بالرغم من أنها لا ترقي أن تكون بمستوى حاسة البصر فيما يتعلق بالتعلم العام .ولكن السمع والبصر عمليتان مترابطتان مكملتان أحداهما للأخرى فأي خلل في الجانب السمعي سيؤثر في تعلم اللغة والقراءة . لذلك كلما كان التشخيص مبكراً كلما كان العلاج فاعلاً ، وننوه هنا إلى العلامات المبكرة التحذيرية للخلل السمعي ومنها التنفس من الفم ، التهاب الأذن بشكل متكرر ، إفرازات الأذن " الودق " ، التركيز المبالغ فيه على فم المتكلم ، قصور في الانتباه ، طلب التكرار من المتكلم ، الاستجابات غير الملائمة لما هو مطلوب منه .
ج- اضطراب النطق والكلام : وهي عدم ممارسة الطفل لنطلق الكلام بما يتناسب مع عمره الزمني مما يؤثر في وجود اضطراب نطقي كلامي نتيجة لمشكلات في التناسق العضلي ، أو عيب في مخارج الحروف ، وقد تكون سببها بنية الأسنان غير الطبيعية ، أو سقف الحلق أما أن يكون عالياً أو ضيقاً بحيث يصبح اتصال اللسان به صعباً ، أو فقر في الكفاءة الصوتية ، أو خلل عضوي أو شق الشفاه( الشفة الشرماء ) .
د- مشكلات الصحة العامة ومنها
الأمراض المزمنة أن المرض المستمر يؤثر بشكل سلبي في دافعية المتعلم نحو المشاركة والعطاء المثمر في الأنشطة والفعاليات سواء كانت فردية أو ىجماعية ، كما أنه لا يستطيع أن يستجيب لمتطلبات الجانب الأكاديمي وخاصة القراءة .
هـ - سوء التغذية : أن الغذاء مهم في عملية البناء ، وهي مستمرة في مرحلة الطفولة وأي نقص في الغذاء ، أو سوء التغذية لا بد وان تترك أثراً سلبياً في عطاء وفاعلية الطفل . ولابد أن أشير في هذا المكان للفرق بين مصطلحي سوء التغذية ونقص التغذية إذ ليس بالضرورة أن يكون الأول هو نتاج نقص التغذية لأنه ربما تتوفر الأغذية لكن الطفل لا يختار الغذاء الذي يحتوى على المواد والفيتامينات الكاملة . أما نقص الغذاء فهو عدم توفر الغذاء بشكل كاف ، كما يحدث في بعض البلدان الأفريقية الفقيرة .
و- الإجهاد العام : أن الإجهاد والإرهاق الذي يحدث الطفل سيكون له مردود سلبي على استعداده للتعليم بشكل عام والقراءة بشكل خاص .
ز- اضطراب الغدد : هنالك نوعان من الغدد قنوية وهي التي لها مخارج خاصة وهي تخدم وظائف محلية نسبياً ، وغدد لاقنوية أو صماء ، وهي تفرز هرمونات تصب بالدم مباشرة ، وهي تؤثر في عمليتي الهدم والبناء ، وتؤثر في السلوك الإنساني والنمو فمثلا الغدة الدرقية لها تأثير في الذكاء ونموه ، ومعدل الأيض أو التمثيل الغذائي وفي السلوك بشكل عام ، فنقص إفراز الثيروكسين للغدة الدرقية يؤدي إلى الكسل ، والنقص في عملية الأيض ويؤدي إلى زيادة الوزن ، أما زيادة الإفراز الثيروكسيني فيؤدي إلى النمو المفرط ( العملقة ) ونقص وزن الجسم ، والاستثارة السريعة الذي يؤدي إلى التعب الشديد والضيق وعدم الراحة .
ح- قصور الجهاز العصبي : أن أي قصور في الجهاز العصبي سيكون له تأثير في المخ وبالتالي عدم التنسيق بين الرموز البصرية ، أو قد يؤدي إلى سيطرة أحد شقي المخ الذي يؤثر في متابعة الحروف فقد تكون إلى اليمين أحيانا أو إلى اليسار أحيانا أخرى تبعاً لتغليب الشق المخي ، وهذا له تأثيره المباشر في استعداد الطفل لتعلم القراءة بشكل سليم .
2- القدرات العقلية :
إن القدرات العقلية من المؤشرات القوية جداً التي تنبئ بالتحصيل والإنجاز ، وهناك فروق فردية بين الأطفال . وعندما نتكلم بشكل واقعي تقول إن أي قصور في القدرات العقلية سيترك انطباعاً سلبياً من المحيطين بالطفل سواء الأسرة أو الأقارب من خلال النظرة والتعامل ، في حين أن الطفل الذي يمتلك قدرات عقلية عالية سيلقى التعزيز الايجابي من كل الذين يتعاملون معه سواء الأسرة أو المدرسة .
ولا أدل على ذلك من الدراسة الرائدة التي قام بها تيرمان والتي أشار إلي الظاهرة ومن ضمن ما توصلت إليها هذه الدراسة الطويلة أن الأطفال المتفوقين عقليا تعلموا القراءة في وقت مبكر حيث تعلم 43% من عينة الدراسة التي شملت (1500) طفل قبل دخول المدرسة ، و 20% منهم تعلم القراءة قبل الخامسة و6% منهم تعلم القراءة قبل سن الرابعة و2% منهم قبل سن الثالثة .
لذلك يمكن القول بشكل عام إن الأكثر قدرة عقلية أكثر استعداداً للتعلم بشكل عام وللقراءة بشكل خاص .
3- الجانب الانفعالي :
أن الأطفال الذين لا يتسمون بالثبات العاطفي أو الاستقرار الانفعالي لا يتقدمون كأقرانهم العاديين ، أو يمتلكون الاستعداد القرائي كأقرانهم الآخرين ، لأن عدم الاستقرار الانفعالي يدعو إلى تشتت الذهن ، وانخفاض الهمة والحماس ، وكذلك قد يشعر بعدم الأمن والأمان الذين يزيد من حالة القلق ، وقد أشرنا سابقا إلى علاقة القلق بالتخلف القرائي .أن الاستقرار الانفعالي قد يعود لأسباب متعددة منها ما يتعلق بالفرد نفسه ، أو الظروف التي يمر بها وخاصة الأسرية ، أو قد تكون البيئة المدرسية هي التي تؤدي إلى عدم الثبات الانفعالي .
4- عوامل بيئية :
أن للعوامل البيئة التي يعيشها الطفل أثراً في استنهاض استعداداته وقدراته سواء تعلقت بالجانب المادي أو المعنوي . وسبق أن أشرنا إلى العوامل التي تؤثر في المشاكل التعليمة ، ولا نريد إعادة ما سبق أن طرحنها لكننا نؤكد على ذكر نقاط وهي البيئة الفقيرة المعدمة ، الأساليب التربوية غير السليمة ، حجم الأسرة ، الخلاف الأبوي ، المرض الأبوي ، الفراق والطلاق ، الترتيب الميلادي ، الحالة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية .
5- عوامل تربوية : وهي مهمة جداً فالمعلم والأساليب والطرق والوسائل التي يتبعها في غاية من الأهمية في جعل المتعلم محباً أو كارهاً فهو الذي يشعل جذوة الاستعداد عند المتعلم أو يخمدها . وسبق أن أشرنا بشي من التفصيل عن العوامل المرتبطة بصعوبات التعلم . ولكن أؤكد هنا ثانية عن الأساليب التربوية التي يتبعها المعلم ضرورية في خلق حس من العدائية ، ولكن في واقع الحال قد نجد من المعلمين من يبتعد عن الأساليب التربوية الصحية قد يستخدم المعلم التجاهل ، أو الانتقاد الشديد ، أو السخرية من المتعلمين ، أو استخدام الأسلوب القسري وغيره ، ولابد أن نذكر في هذا الجانب المنهج ودورة في جعل المتعلم متكيفا.
علاج صعوبات القراءة :
يتطلب العلاج تخطيطا ًمسبقاً لأن التخطيط يساعد علي استغلال الوقت والجهد وبالتالي يمكن أن تحقق الأهداف بسهولة ويسر ولكن يجب أن تتصف أي خطة علاجية بالنقاط التالية أن تكون فردية وعندما تكون كذلك فإنها فاعلة في التأثير ، كما يجب أن تتناسب مع المتعلم وسماته . وأن تتعلق بالنقاط المراد معالجتها ، وليست بالعموم أي إنها يجب أن تكون محددة لكي تجعل الجهود مركزة حول النقاط الخاصة أو الممثلة للصعوبة القرائية ، كما يجب أن تكون الخطة فاعلة في التأثير للمتعلم أي تخلق الدافعية للتجاوب ، وذلك من خلال الأساليب التي يتبعها المعالج والفنيات الدقيقة وأن تكون متنوعة ، وأن تختار المادة المحببة والمرغوبة للمتعلم و ليس للمعلم ، وأن تتناسب مع قدراته كما يجب أن تكون متسلسلة على خطوات من السهل إلى الصعب .
ومن الأساليب التي استخدمت كطرق علاجية لقراءة وتفسير الرموز اللغوية .
1- الطريقة الحسية الحركية:
تعتمد هذه الطريقة التي ابتكرها جريس فرنالد وهيلين كيلر على استخدام أكثر من حاسة إضافة إلى الحركة حتى سميت الطريقة الحركية ، وخاصة للأطفال الذين يعانون من صعوبات قرائية ، ونحن نعرف بشكل عام أن الملموس أفضل للتعلم والفهم من غير الملموس ، وخاصة بالنسبة للأطفال الذين يحتاجون رعاية خاصة ، ويطلق عليها اختصاراً ( VAKT ) ليشير كل حرف من هذه الحروف إلى حاسة معينة فالحرف V يعني استخدام الحاسة البصرية ( Visual) حيث يشاهد الطفل الكلمة المراد تعليمها . والحرف A يمثل الحاسة السمعية ( Auditiory ) حيث يسمع الطفل الكلمة وينطقها . والحرف K وتعني استخدام الحركة ( Kinesthetic ) حيث يتبع الطفل الكلمة بالحاسة الحركية والحرف T يمثل الحاســة اللمــــــــــــــــسية ( Tactual ) حيث يتبع الطفل الكلمة بأصبعه .
ولهذه الطريقة أربع مراحل هي :
أ – المرحلة الأولى : أو ( مرحلة التتبع ) حيث يكتب المعلم الكلمة علي السبورة أو على ورقة ويدعو المتعلم إلى تتبعها بأصبعه ونطقها جزء جزء ، ويكرر هذه العملية ويجري خلال التكرار نطق الكلمة بشكل كامل ثم يكتبها بعد مسحها مستعينا بالذاكرة البصرية ولا يتعين وفق هذه المرحلة وضع سقف زمني للانتهاء منها ، وإنما هي تختلف من طفل إلي أخر . وان المادة القرائية كما يشير إلي ذلك بوند وتنكر ووسن لا يجري تبسيطها لا من ناحية المفردات ولا من ناحية الموضوع .
ب- المرحلة الثانية : مرحلة الاعتماد الذاتي حيث يتعلم نطلق الكلمة من خلال النظر إليها دون حاجة إلى التتبع بأصبعه . وهى مرحلة متطورة قياساً بالمرحلة الأولى إذ بإمكانه كتابة الكلمات من ذاكرته وقراءتها.
ج- المرحلة الثالثة : وهي مرحلة قراءة الكلمة المطبوعة حيث يستطيع الطفل في هذه المرحلة قراءة الكلمة بنفسه ثم كتابتها تاركا الكلمات التي أعدها المعلم أعداداً خاصاً له ، حيث يقدم له ما هو مطبوع ، ويقرأ منه .
د – المرحلة الرابعة : مرحلة التعميم حيث يستطيع الطفل في هذه المرحلة من قراءة كلمات جديدة متشابهة للكلمات التي سبق أن تعلمها كلياً أو جزئياً .
أما الوقفي فقد ذكر طريقة غريس فيرنالد ( Fernald ) وفق النقاط الآتية :-
1- أمن رغبة المتعلم في التعلم من خلال أخباره بأنك ستتعامل معه بتقنية معينة لتعليمه قراءة الكلمات التي لا يعرفها .
2- اختر كلمة للتعلم من خلال الطلب للمتعلم أن يختار الكلمة التي لا يستطيع قراءتها، ويرغب في تعلمها .
3- اكتب الكلمة والطفل جالس بجنبك, واجعله يراقب ويصغي بينما أنت تنطق وأنت تكتبها بخط عريض على ورقة غير مسطرة بحيث تكون الكلمة المكتوبة على الورقة بحجم الكلمة المكتوبة على السبورة ثم أنطق الكلمة ثانية محركا إصبعك ببطء تحت الكلمة , مطابقاً بين حركة الإصبع وموقع الحرف ( الصوت) في الكلمة .
4- نمذج تتبع الكلمة : نمذج تتبع الكلمة ليتعلمها قل للمتعلم أنظر إلى ما أفعل وأصغ إلى ما أقول
أ- انطق الكلمة على مسمع من المتعلم وبصره .
ب- تتبع الكلمة مستخدماً إصبعا أو اثنين , على أن يلامس الإصبع الورقة للحصول على التنبيه اللمسي , وعند التنبيه أنطق الكلمة .
جـ- انطق الكلمة عدة مرات إلى أن يعرف المتعلم الكلمة بمجرد رؤيتها .
5- تابع إلى أن يحدث التعلم : اجعل المتعلم يستمر في تتبعه للكلمة إلى أن يعتقد بأنه يصبح قادراً على كتابة الكلمة من الذاكرة .
6- استكتب من الذاكرة : عندما يشعر المتعلم أنه مستعد , أبعد النموذج واجعل المتعلم يكتب الكلمة من الذاكرة ناطقا بها وهو يقوم بكتابتها وإذا أخطا أوتردد أوقف المتعلم فوراً , اعرض نموذج الكلمة المكتوبة , واجعله يتتبع الكلمة ليكتبها من الذاكرة بشكل صحيح .
7- أحفظ الكلمة : بعد إتقانها وكتابتها 3 مرات بشكل صحيح يقوم المتعلم بوضع الكلمة في بنك الكلمات الخاص به .
8- اطلب من المتعلم كتابة الكلمة التي تعلمها بعد مرور(24 ) ساعة من تعلمها , ويقرأها لغرض تثبيتها في الذاكرة .
2- الطر ق الصوتية:
وهي الطرق التي تعتمد على الوحدات الصوتية أو الحروف كأساليب علاجية للأطفال الذين يعانون من صعوبات قرائية ومنها مونروMonro
وطريقة جلنجهام Cillinghamوطريقة هيج وكيرك وكيرك
أ- طريقة مونرو : أن هذه الطريقة اعتمدت بشكل أساسي على التركيز الصوتي و التدريب المتأني المتكرر و المتنوع . وتعد هذه الطريقة من أشهر الطرق التي استخدمت كأسلوب علاجي في تعليم الطفل الذي قد يخطي في نطق الحروف المتحركة أو الساكنة.وهناك من يعاني صعوبة في الربط بين الرمز المكتوب و الصوت المنطوق للحرف , ومنهم من يعاني صعوبة في تتابع أصوات الحروف أو اتجاه الرمز المكتوب من اليمين إلى اليسار .
تتلخص هذه الطريقة بما يلي :
1- التدريب على التمييز بين الأصوات حيث يعمل المعلم بطاقات تحتوي على صور تبدأ بنفس الحرف الساكن أو نفس الحرف المتحرك .
وتبدأ من البسيط إلى الصعب حيث تبدأ بالحروف غير المتقاربة في الأصوات وبعدها الأصوات الأكثر تقارباً مثل س ، ص .
2- الربط بين الحرف وصوته الشائع: ويمكن إن يتبع الحرف في البداية ومن ثم جمع أصوات الحروف ليكون الكلمة .
إن عملية التتبع تساعد المتعلم على معرفة الاتجاه الصحيح في قراءة الكلمات من اليمين إلى اليسار .
ب- طريقة جلنجهام Gillingham Method
وهذه الطريقة تستخدم عادة أكثر من حاسة لتعليم القراءة والكتابة والتهجئة مستخدماً الرموز الصوتية حتى سميت هذه الطريقة بالطريقة الصوتية ، أو الطريقة الهجائية .
تبدأ هذه الطريقة بتعلم الحرف ثم الكلمة ثم الجملة عن طريق عملية الربط إذ يجري أولا ربط الرمز البصري مع اسم الحرف ثم ربط الرمز البصري مع صوت الحرف ثم ربط إحساس أعضاء كلام الطفل في تسمية الحروف وأصواتها كما يسمع نفسه عند قراءتها ، فتحاول هذه الطريقة ربط النماذج البصرية ، والسمعية ، والحسية ، العضلية . وهي طريقة صالحة مع المتعلمين ذوي الصعوبات الشديدة في تعلم القراءة .
جـ - طريقة هيج – كيرك للقراءة العلاجية :
The Hegge- Kirk – Remedical Reading drills
طورت هذه التدريبات أساساً للأطفال المعاقين القابلين للتعلم
The Educable Mentally Handicapped children
والذي يعتمد استخدام الطريقة الصوتية بطريقة منظمة باستخدام التعليم المبرمج ( Programmed Instruction ) ويقسم كل تدريب إلى أربعة أقسام ، ويجري تغيير بسيط فيه ، في القسم الأول يتم تغيير الحرف المتحرك مثل زال ، قال ، حال ، وفي القسم الثاني يغير الحرف الأخير مثل فاز ، فاق ، وفي القسمين الثالث والرابع يتم تغيير الحرف الأول والثالث مثل كتب ، فتق ، ستر .
وجدير بالذكر من خلال الزيارات الميدانية المتكررة لمؤسسات التربية الخاصة في أكثر من بلد فان أشهر الطرق المستخدمة في مجال التربية الخاصة بشكل عام وصعوبات التعلم بشكل خاص هي الطريقة التركيبية التي تتكون من .
أ- طريقة البدء بالحروف الهجائية تسمية وكتابة .
ويفترض إن يكون هناك تدرج من السهل إلى الصعب ومن المحسوس من خلال عرض أشياء مألوفة للطفل تبدأ بالحرف المراد تعلمه مع التنوع بالمثيرات ثم كتابته ، وبعدها ينتقل إلى تسمية الحروف مشكلاً بالحركات مثل ب ، بَ ..... الخ .
ثم نتدرج بالحروف ، ويمكن إن نوصل الحروف ببعضها وخاصة التي تعلمها فتبدأ بحرفين ثم نتدرج إلى ثلاثة ، ويمكن إن نشكل من الكلمة احتمالاتها مثل كلمة رحم يمكن تشكيل حمر ، رمح ، مرح ، حرم ، وهكذا بما يتناسب مع الطفل ، ويمكن للمعلم ان يعمل الحروف ببطاقات مناسبة ، يمكن تلوينها للتشويق ، ويطلب من الطفل تسمية الحروف وجمعها وتشكيل كلمات وتغيير الكلمة نفسها إلى أشكال مختلفة ، وتكون هذه الكلمات بمعاني مختلفة أيضاً ، والباب مفتوح إمام المعلم لاختيار الأنشطة المناسبة وفق قدرات وميول المتعلم والظروف في المؤسسة التعليمية .
2- الطريقة الصوتية ويجري فيها ربط صوت حرف الكلمة بالكلمة على أن يبدأ بالحروف منفصلة ثم يصار إلى دمجها معاً مثل ك – ت - ب ثم تدمج لتصبح كتب و ر- س- م لتصبح بعد ذلك رسم ، ويفضل اختيار الكلمات البسيطة المعروفة والمألوفة للمتعلم ، ويراعي النقاط التي سبق أن أشرنا إليها ، وهو البدء بالسهل البسيط ، شريطة إن يعطي المتعلم الوقت الكافي للتعلم الصحيح ، وهذا من شأنه إن يسهل أو يقلل من صعوبة الذي يليه وقد يكون هذه الطريقة مهمة للأطفال ذوي صعوبات التعلم لأننا قلنا سابقاً انه قد يكون هناك قصور في الوعي الصوتي نتيجة لخلل في شق سلفيوس في مناطق اللغة ، وهذه الطريقة قد تساعد على تحسين الوعي الصوتي للمتعلم والذي يساعد بدوره على الوعي اللغوي .
وفي هذا السياق فقد اقترح كارلن( Karlen ) ، خطوات لاستخدام الطريقة الصوتية كما جاء في الوقفي وهي :
1- اختيار الكلمات: والمتمثل باختيار كلمات متشابهة في علاقات بين الصوت والرمز اكتب كلمات مجموعة على السبورة ، اطلب من المتعلمين إن ينظروا إلى الكلمات وأنت تقرؤها لهم مثال : قام ، قال ، قاد ، قاس ، وهي كلمات متشابهة بالصوت (قا) والطلب من المتعلمين إن يضعوا خطا تحت الحروف المتماثلة في الكلمات ، ثم قم بوضع قائمة أخرى من الكلمات شريطة إن تكون من المخزون اللغوي الشفوي للمتعلم ، وكلفهم بإن يضيفوا كلمات أخرى تتجانس وكلمات المجموعة ، واطلب التعرف على الكلمات التي تتجانس مع الصوت المستهدف للتعلم .
2- إبدال الصوت : يطلب من المتعلمين في هذه الخطوة تطبيق تعميماتهم الجديدة حول العلاقة بين الرمز والصوت لتساعدهم في تعرف الكلمات الجديدة ، اكتب كلمة بصرية على السبورة ، واكتب تحتها كلمة مشابهة للصوت المراد تعليمه مثال : نام ، نار ، اسأل المتعلمين ما وجه الشبه بين الكلمتين ، ارجع الآن إلى قائمة الكلمات السابقة المكتوبة على السبورة التي تبدأ بالحرف " ق" وأسال المتعلمين عما يحدث لو أبدلنا الحرف " ن" في كلمة نام بالحرف ق بقولك : تذكروا كيف نلفظ الكلمات التي تبدأ بالحرف " ق" ماذا تصير كلمة نام عندما نبدل الحرف " ن" بالحرف "ق" ؟ كرر هذا الإجراء باستخدام كلمات أخرى جاعلاً المتعلمين كل مرة يلاحظون أوجه الشبه والاختلاف ، ويبدلون الحروف والأصوات لتعرف الكلمات الجديدة التي تكتبها .
3- استخدام السياق : وهو استخدام الكلمات التي تعلمها المتعلمون في الخطوة الثانية ووضعها في جمل ، ويطلب من المتعلمين قراءتها ، وإذا لم يتذكروا الكلمات الجديدة فعليهم إن يفكروا في كلمة له معنى في الجملة ، وتبدأ بالحرف " ق" وتنتهي هذه الخطوة بقراءة جمل أخرى تحتوي على كلمات جديدة تبدأ بالحرف "ق" .